لحظة حب ( مشهد من السعادة الزوجية) ....
كانت متعبة ..جاءت من عملها في روضة الأطفال - حيث هي مديرة هناك علي
المعلمات - و كم كان هذا اليوم مرهق... والعمل به كان طويلا جدا...
و كانت بالكاد تري أمامها حتى أنها عندما أرادت إدخال المفتاح بداخل ثقب
الباب سقطت سلسلة المفاتيح منها و حاولت هي أن تنحني لتمسك بها و لكنها لم
تقدر .. كان الإجهاد قد نال منها ما نال و قبل أن تحار في كيفية تصرفها
سمعت الباب يفتح و رأت أمامها حلم حياتها الجميل ... زوجه العزيز الغالي
الذي استقبلها بابتسامه عذبة يبدو إنها قد طبعت علي شفتيه لرؤيتها و لكن
التوتر و القلق قد حلا مكان البسمة عندما شاهد في عينيها اسمي معاني
الإجهاد و التعب و لم يؤخر نفسه..
إنما حملها علي ذراعيه في قوة و أغلق الباب بقدمه و أراحها علي الأريكة و التوتر قد شغل كل كيانه و ليس وجهه فحسب..
و قال لها في كل رقة الكون :-
- زوجتي حبيبتي حياتي.. ما بكِ و ماذا أصابك ؟
غمغمت هي في تعب:-
- انه إرهاق عارض ...
و حاولت النهوض لكنه منعها بأصابعه في رفق خافت و همس لها :
- كلا يا حبيبتي ... لا تنهضي الآن أرجوكِ ..
و نظرت هي إلي عينيه و رأت فيهما حب و حنان دافق و لهفة شوق و خاطر و
اهتمام فوق أي وصف و أحست بالسعادة تغمرها في كل أوصالها و شعرت أنها تملك
قوة قادرة علي قهر الجبال ذاتها... ااااه كم تحبه و تعشقه و دون وعي أمسكت
هي أصابعه بأصابعها التي قد احرقها كل هذا الحب الذي يتدفق في كيانها و
يفور مثل الحمم المتدفقة و قالت:-
- أحبك يا زوجي احبك احبك احبك.. مهما ظللت ارددها لن أملها و لن توفيك
حقك ...لان الشعور الذي بداخلي يا حبيبي اقوي من الحب بملايين المراحل و
لكن ماذا افعل . لغتي تقف عاجزة عن شعوري الحارق بحبك و لكن أتري حبي
بداخلي عيني يا حبيبي؟
قال و قد بلغ منه الهوى مبلغه:-
- اجل يا نور حياتي و حبيبة كل كوني ووجداني.. إنني احبك كما للحب أن يكون
و للعشق أن يحكي.. إنني اشعر بحبك يتدفق داخل قلبي و كياني و روحي و يهامس
مشاعري و يضخ بداخل شراييني مع كل دفقة من الدماء ... إن عشقك قد ملك كل
جزء مني و كل خلية بداخلي و كل ذرة بداخل كل كياني.. احبك يا حبيبتي و يا
زوجتي و يا أمي و يا أختي و يا معشوقتي و يا نور حياتي الجميل...
نظرت إلي عينيه و غاصت فيهما و شعرت كما لو أنها تسبح في شلال من الحب و
العشق و الغرام.. شعرت إنها قد توقف بها الزمن و لا تري أي شئ في الكون
سواه.. و لا تشعر إلا إنها في بحيرة حبه الخالصة الصافية و أنها بعد أن
سبحت بداخل بحار حبه و عشقه و هواه و غرامه.... قد ارتدت ثياب التتويج
الملكية
و ذهبت إلي قلبه و جلست علي العرش .. حيث أن جنود حبه قد بنت لها عرش ماسي
بداخل قلبه و هي الملكة المتوجة مدي الحياة علي عرش قصر قلبه و هي أيضا
الملكة المتوجة علي كل كيانة.. لا تنازعها أنثي أو حتى شبحها في ذلك...
كانت لحظات لذيذة و عامرة بالحب فعلي الرغم من أنها متعبة و منهكة جدا جدا
و لكن عندما سرحت في عيناه و سرح هو بداخل حبها و جمالها نسيا كل شئ و
نسيا الإرهاق و ضمها إليه في رفق و قال:-
- يا حبيبتي لو إنني ظللت أضمك إلي هكذا طوال حياتي .. لما شعرت باللهفة
قط أو الرغبة إلي تركك قط.... إن كيانك يسكرني.. و رائحتك الذكية تجعل كل
كياني ينطق باسمك و عيناي لا تريان سوي رسمك و جمالك يا روحي الاثيرة....و
حيث أن الحب ينبع من القلب إلي القلب.. اشعر أن قلبك الفاتن الجميل الوسيم
يضخ حبه و ينطلق إلي صدرك و منه إلي قلبي الدميم الذي يستقبل نبضة الحب
هذه في لهفة و شوق و حب و اهتمام لا مثيل له .. إن حبك هو نبع الحياة
الوحيد لقلبي يا حبيبتي و بدونه لا حياة لي قط...
وضعت أناملها الصغيرة الرقيقة علي شفتيه وقالت:-
- لا يا حبيبي لا تكمل أرجوك.. بعدا لأي شر عنك يا حبيبي.. لا تقل هذا
ثانية أرجوك يا روح عمري.. إن قلبك ليس دميم أبدا إن قلبك أجمل شئ عرفته
في حياتي و أجمل كيان لامسته روحي و عشقه قلبي و ذاب في حنانه كل كياني..
إن قلبك هو نبع الحب الصافي و لولا قلبك أنت لما وجد أي حب .. و لولا قلبك
أنت لما كنت أحب أي شئ قط .. أعشقك يا روحي....
شعر أن وجهه و جسده و كل كيانه يذوب بداخل وجهها الفاتن الجميل و أن حبها
يجذبه إلي أعالي سماء الحب و العاشقين و الدنيا كلها قد تلونت بمصابيح
الهوى و الغرام و أن الكون قد تبدل و حل مكانه رقة و مشاعر و أحاسيس رقيقة
طيبة جميلة مكان كل الحروب و شعر أن حنانه يتدفق منه كما لو كان شلالا و
أن قلبه يضخ دماء تعج بالخلايا التي تذكر اسم زوجته الحبيبة و لكم تمني لو
أن هذه اللحظة لا تنتهي و هذه النظرة لا تبتعد عن قلبه .. نظرة عينيها
الجميلة الآسرة الفاتنة الرقيقة و لكن كان هناك شئ يجذبه إلي الأسفل ...
منظر عينيها المتعبة بحق و كان هذا يقلقه فقال لها :-
- حبيبتي و روحي و كياني... هل أنتِ مريضة ؟
قالت و هي تملي عينيها من وجهه :-
- لا عليك يا روحي... انه إرهاق فحسب...
قال في حنان دافق شديد هامس:-
- يا روحي ... أنت مريضة هذا يبدو واضحا من عيناكِ الفاتنة...
قالت و البسمة الرقيقة علي شفتيها:-
- هل اذهب التعب جمال عيني؟
قال في سرعة :-
- يا روحي حياتي ...ليس هناك شئ علي الأرض قادر علي إذهاب جمالك و جمال
عينيكِ الفاتنة هذه ...إن الدنيا كلها تتزين و الشمس تشرق و الكون يغرد و
العالم يضحك... فقط لجمال عينيك و رقة وجهك العذب الطاهر البرئ الذي لا
يوصف قط...يا روحي الجميلة!
قالت و الابتسامة الرقيقة العذبة تغمر شفتيها النضيرة:-
- يا حبيبي كم احبك و أعشقك يا نور قلبي و مالك كل كياني و روحي ووجداني....
ثم تابعت:-
- انه دور برد بسيط...
تلون وجهه بلون الألم من اجلها و قال:-
- يا حبيبتي الصغيرة المسكينة ... انك مريضة يا روحي؟ ألف لا باس
عليكِ ألف لا باس.... كيف يكون الميكروب بهذه القسوة؟ كيف لهذا الميكروب
السخيف أن يفكر في غزو جسد أجمل و ارق وطهر و احلي و افتن و اخلص و انقي
إنسانة في الوجود؟ لا شك في انه ميكروب أحمق لا يقدر أن يقدر الجمال و
الرقة و النعومة .. لو انه تجسد لي الآن لقتلته هلي الفور حيث إنني اخشي
عليكِ من نسمة هواء واهنة فما بالكِ بمرض يتعبك و يشقيكِ هكذا ؟ اه لو
أنني اقدر أن اقتل هذا الميكروب
اللعين !
قالت في رقة:-
- يا حبيبي ... هل تحبني كل هذا الحب؟
قال في سرعة كونية :-
- يا روح حبيبك.. أنا أكن لكي كل حب الكون و ما وراءه أيضا.. إنني احبك
بكل ذرة في كياني و لو أن جسدي انقسم إلي اقل من الذرات لأحبتك أجزاءها
بحب لا مثيل له .... انك أنتِ يا روحي حمل حياتي الذي تحقق ... حلم عمري
الذي لا مثيل له و لا بديل له و لا يمكن أن أفكر في محاولة التفكير لبعدك
عني ثانية واحدة يا نور عمري و روح قلبي و كل فؤادي...
قالت في لهفة :-
- يا حبيبي الغالي... سلامة جسدك و سلامتك يا نور قلبي...و بأذن الله عز و جل لا فراق أبدا يا روحي...
قال لها و هو يحاول أن يسيطر علي مشاعره:-
- حبيبتي تحتاجي إلي استشارة طبيب ..
قالت باسمة :-
- و من ترشح يا روحي؟
قال ضاحكا :-
- ما رأيك في زوجك ؟ أظن انه طبيب!
قالت و ضحكتها الرقيقة الآسرة تملا قلبه:-
- لا باس به .. انه طيب و لا ينظر إلي الأخريات!
و بعد الكشف عليها قال:-
- مريضتي الحبيبة . تحتاج إلي الراحة و لا مشكلة سوف اخدمها أنا بكل كياني...
قالت:-
- يبدو أن مريضتك سيدي الطبيب سوف تتعبك قليلا!
قال في صدق:-
- لو أنني يا حبيبتي ... أعطيتك روحي نفسها لما ندمت لحظة و لما ارتسمت نظرة أسف أو شبحها علي شفتي..
قالت في وجد:-
- سلامة روحك يا روح روحي..
قال لها :-
- و أنا..... حبي و كلي ملكك و طوع إشارتك يا حبيبتي...
و بعد بضعة أيام أيقظها من النوم علي لمسة حانية من أطراف أنامله علي خدها الأبيض الناصع الحريري و هو يهمس:-
- احبك... احبك.. احبك...
ابتسمت ابتسامة واسعة حتى قبل أن تفتح عينيها و هي تقول :-
- و أنا أعشقك يا زوجي الغالي الحبيب..
ثم تابعت :-
- يالها من طريقة للإيقاظ!
قال في انزعاج:-
- ها ضايقتك؟
قالت في سرعة :-
- بالعكس... اشعر أنها ارق و احلي و ألذ طريقة يا حبيب حياتي..
ثم قالت له :-
- أشعر أنني بخير اليوم !
قال في فرحة هائلة:-
- حقا ؟ هذا شئ يجعل قلبي يطير فرحة يا حبيبتي الغالية ...
اتسعت بسمتها الرقيقة و قالت:-
- و أنت يا مسكين طوال هذا الوقت ... و أنت تقوم بكل الأعمال و تطهو لطعام و تقوم بمساعدتي في كل شئ ..و ...
قاطعها في رقة غريبة :-
- يا روحي الغالية .. أنتِ نفسي ...بل انك اغلي علي من نفسي لان حبك بداخل
كل كياني.. محال أن اتعب و أنا أخدمك ... لأنني أؤدي واجبي بفرحة و أنا
أكون مسرورا و أنا أري البسمة تغزو شفتيك و تحرك وجنتاكِ يا روحي.. روحي
نفسها فدائكِ يا أحب مخلوقات الله إلي قلبي...
قالت في وجد:-
- سلامة روحك يا روحي و طمأن الله قلبك يا اغلي من قلبي و روحي و كياني..
ثم تابعت:-
- سوف اذهب إلي العمل اليوم لقد أخذت فترة نقاهة جيدة..
قال في قلق:-
- هل أنت متأكدة يا حبيبتي...؟ أنا اخشي عليكِ؟
قالت في حنان دافق:-
- يا نور حياتي ... لا تخشي علي .. حبيبتك الرقيقة بخير بأذن الله و حوله و قوته..
قال لها و هو يغوص في أعماق عينيها الرائعة:-
-لا باس يا روح فؤادي .. لكِ ما تطلبني يا غاليتي الجميلة..
ثم قال لها :-
- هيا إذن !
قالت في دهشة :-
- و لكنني الحمد لله...أنا بخير و اقدر أن أسير بدون تعب ...
قال في سرعة :-
- ولو.... إن هذا يشعرني بالسعادة الحقيقة...
قالت باسمة و هي مطرقة الرأس:-
- و أنا أيضا...
و حملها هو علي ذراعيه القويتين و هي تنظر إلي عينيه بمنتهي الحنان... و
سار بها إلي طاولة الطعام.. و هي تشعر كما لو أنها تطير في أعالي الفضاء
المليء بالحب و العشق و الغرام... كانت تحس أنها أميرة متوجة و هو فارسها
الشجاع المغوار الذي يقوم بحملها و إنقاذها من كل الدنيا و من كل الأخطار
المحيطة بها و كانت تشعر بسعادة و حب لا مثيل لهما .... حتى أنها كانت
تتحسر علي أن الطاولة قد اقتربت و هي أرادت لهذه اللحظات أن تدوم... و
كأنما قرأ هو ذلك في عينيا فسار بها مبتعدا عن الطاولة فقالت له :-
- إلي أين ؟
قال باسما :-
- إلي عالم الحب و الخيال يا حبيبتي..
و سار بها في كل أرجاء المنزل و هو يحملها علي ذراعيه ..و هي تشعر بسعادة
و حب لا مثيل لهما قط و دامت فرحتها طويلا و هي تشعر أن هذا الحب و العشق
و الهوى و الغرام الذين يملئون كيانها غير حقيقيين...
هل يمكن أن تكون السعادة الزوجية إلي هذا الحد ؟ هلي يمكن ؟
أكيد أن الحب و السعادة لا نهاية لهما ...
لا نهاية لهما قط....